قصر خداوج العمياء... تحفة معمارية شاهدة على روعة التراث الجزائري
يعتبر القصر الأثري العتيق ''خداوج العمياء'' الذي يقع بالقصبة العليا بالجزائر العاصمة أسطورة جزائرية حية، وإحدى الروائع المعمارية النادرة الموروثة عن العهد العثماني.
ورغم مرور خمسة قرون على بنائه، إلاّ أنّه يبقى شامخا وشاهدا على عراقة وأصالة التراث الجزائري.
يقع قصر خداوج العمياء المعروف باسم دار البكري في حي سوق الجمعة بالقصبة السفلى، وقد سمي هذا الأخير بهذا الإسم نسبة إلى السوق الأسبوعية التي كانت تنظم كل يوم جمعة إبان العهد العثماني.
وتذكر بعض المراجع التاريخية أن تشييد القصر تم حوالي سنة 1570 م بمبادرة من أحد ضباط البحرية الجزائرية "يحي رايس"، في حين تذهب مراجع أخرى إلى اعتبار القصر من ممتلكات حسن خزناجي وهو أحد أعضاء الديوان "الخزينة" لدى الداي "محمد بن عثمان" وذلك في سنة 1792 ، حيث اشترى حسان خزناجي عدة بنايات بجوار القصر ، وألحقها به حسب ما أوضحته عمليات الترميم التي كشفت عن تلك البنايات ، وقام بإثرائه وتنميقه ليهديه إلى ابنته خداوج.
وحسب المعطيات المتوافرة فإن لخداوج أسطورة تتلخص في فقدانها البصر عندما كانت تنظر إلى نفسها في المرآة معجبة بجمالها، ومن ثمة أصبحت خداوج تكنى بالعمياء وصار القصر معروفا بدار خداوج نسبة إليها.
ويحتوي قصر خداوج العمياء على السقيفة الكبيرة وهي ممر طويل ذو سقف مقبب وسمكي الشكل ، ينتهي على جانبيه بأقواس جدارية مجوفة ومحمولة على أعمدة رخامية وعدد الأقواس الجدارية من جهة اليسار هو أربعة أقواس ، مفصولة بثلاثة أعمدة و كل عمود يأخذ ش كلا حلزونيا ويبدو للناظر فيه أنه ثلاثي لكنه في الواقع عمود واحد ، كما تستند تلك الأعمدة في نهايتها على مقعد رخامي بالطريقة ذاتها من جهة اليسار وتكسو الرواق على جانبيه مربعات من الزليج
كشفت أعمال الترميم المجرات على مستوى بيت الصابون عن بقايا بناءات منظمة على شكل خندق مياه اتضح بأنه كان مستغلا كمطبخ ، يحتوي القبو أيضا على حوض صغير مربع الشكل تميل زاويتين منه بدرجة 45 مزخرف بالخزف وهذا ما حمل على الاعتقاد بأنه محرزة بئر.
ويتوسط القصر صحن مربع الشكل مفروش ببلاط رخامي ومحاط في جوانبه الأربعة بأروقة وتؤدي إلى كل رواق أربعة مداخل تفصل بينها أعمدة رخامية للوصول إلى غرفة مستطيلة مع الإشارة إلى أن الغرفة الواقعة إلى الجناح الغربي من صحن القصر قد أدخلت على نمطها المعماري تغيرات وذلك خلال سنة 1860 م ، ويمكن ملاحظة تلك التغيرات من خلال السقف المزين والمصنوع من الجبس المزدان بالألوان والمحاط بمربعات الزليج
أما الطابق القاني فيكون الوصول إليه بانتهاج مدخل يؤدي إلى أدراج منتظمة في أربعة اتجاهات يعلوها سقق بيضاوي مقبب ، ويتخلل تلك الاتجاهات مخزنين منتصفي الارتفاع ويعرف هذا النوع من المخازن بالبرطوس
أما رواق الطابق الثاني فهو محاط أيضا بسلسلة من الأقواس المحمولة على أعمدة رخامية نصفها الأعلى ذو شكل حلزوني ويشكل الرواق بمحيطه المربع شرفة مطلة على صحن البيت وسط الدار
وما يشد الانتباه في هذا الطابق الغرفة الكبيرة أو غرفة الاستقبال التي استحدثت في سنة 1860 م لما في سقفها من زخرفة فخمة وقباب محرومة صنعت من مادة الجبس المنقوش وغطيت بالزجاج إلى جانب البلاط الخشبي الذي ازدانت به أرضيتها.
في سنة 1947 خصص قصر خداوج العمياء من أجل المصلحة التقنية للحرف التقليدية الجزائرية التي اهتمت بالفنون الشعبية فأنشأت ورشات للنشاطات الحرفية الخاصة بكل منطقة وأقامت بالقصر معرضا دائما لذلك .
وفي سنة1961 م استغل القصر كمتحف للفنون الشعبية ، ليصبح عام 1987 متحفا وطنيا للفنون والتقاليد الشعبية يضم آلاف التحف الفنية التقليدية من أجل ذلك صبت فرقة من الباحثين الأثريين والاجتماعيين والمعماريين الموظفين بالمتحف اهتمامها للصيانة والحفاظ على مجموعات المتحف الوطني للفنون والتقاليد الشعبية الممثلة في الحلي والنحاس والنسيج والألبسة والزرابي والسلال ولايزال المتحف يثري مجموعاته عن طريق الإقتناءات والهبات .
اليكم بعض الصور:
اليكم بعض الصور:
منقول من احد المنتديات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق